إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
107486 مشاهدة print word pdf
line-top
المراد بتوحيد المعرفة والإثبات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين أما بعد ..دروس فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين – حفظه الله- وهو في شرحه لكتاب شرح سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
أول واجـــب علــى العـبـيـــد
معرفـة الرحـمــن بــالتوحيـــد
إذ هو مـن كــل الأوامــر أعظــم
وهو نوعــان أيـــا مــن يفهــم
إثبات ذات الــرب جـــل وعـــلا
أسمائه الحسنـى صفـاتــه العـــلا
وأنه الـــرب الجـلـيــل الأكـــبر
الخالــق البـــارئ والمـصـــور
باري البرايــا منشـئ الخــلائــق
مبدعهـم بــلا مثـــال ســابــق
الأول المبــدي بـــلا ابتـــــداء
والآخر البــاقــي بــلا انتهـــاء
الأحد الفــرد القــديــر الأزلـــي
الصمـد الــبر المهيمــن العلـــي
علــو قـهــر وعلــو شـــان
جل عــن الأضـــداد والأعـــوان
كذا لـــه العـلـــو والفـوقيـــة
علــى عبــــاده بــلا كيفيـــة
ومـع هــذا مطـلــع إلـيـهـــم
بعلمــه مهيـمــن عـلـيـهـــم
وذكـره للقـــرب والـمـعيــــة
لم ينـف للعـلـــو والفـوقيــــة
فإنــه العلـــي فـــي دنــــوه
وهو القريـب جـــل فــي علــوه
حي وقـيــــوم فـــلا ينــــام
وجل أن تشبهــــــه الأنــــام
لا تبلغ الأوهـــام كنـــه ذاتـــه
ولا يكيـف الحـجــــا صفــاتــه
باق فـــلا يفـنـــى ولا يبيــــد
ولا يكون غـــير مـــا يريــــد
منفــرد بــالـخـلــــق والإرادة
وحاكــم جــــل بـمــــا أراده
فمـن يـشـــأ وفـقــه بفضلــه
ومن يشـــأ أضـلــه بـعـدلــه


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
ذكر الناظم -رحمه الله- أن التوحيد ينقسم إلى نوعين:
وبدأ بالنوع الأول: وهو تعريف، وهو توحيد المعرفة والإثبات، من العلماء من جعل التوحيد قسمين: توحيد في المعرفة والإثبات، وتوحيد في الطلب والقصد، ومنهم من جعلها ثلاثة أنواع: توحيد الإلهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.
فتوحيد المعرفة والإثبات يدخل فيه توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الطلب والقصد هو توحيد الإلهية، فتوحيد المعرفة والإثبات يسمى التوحيد العلمي؛ وذلك لأنه علوم نتعلمها، نأخذها من الأدلة، ويسمى التوحيد الاعتقادي؛ أي: لأنه توحيد عقيدة؛ يعتقد العباد صفات الله تعالى وأسماؤه وربوبيته ونحو ذلك، ويسمى التوحيد الخبري؛ لأنه يعتمد الأخبار؛ يعتمد على الأخبار المنقولة التي تؤخذ نقلا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتروى بالأسانيد؛ فهو التوحيد العلمي، الخبري، الاعتقادي؛ الذي هو توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الذات.
ومعناه: اعتقاد أن الله تعالى هو خالق الخلق، وربهم، ومدبر أمورهم، والعالم بشؤونهم، وهو سبحانه الذي أوجدهم، وكونهم، والذي علم عددهم، والذي أوجد جميع الكائنات.
وهذا التوحيد الذي هو توحيد الربوبية، يعتقده ويقر به المشركون في الجاهلية؛ قال الله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ يعترفون بأن الله هو الذي يرزقهم من السماء بالمطر ونحوه، ومن الأرض بالنبات، وأنه الذي يخرج الحي من الميت؛ يخرج النبات من الأرض ونحوها، ويخرج الثمر من النبات؛ الميت من الحي، وأنه الذي يملك السمع الأبصار؛ بمعنى: أنه الذي خلق السمع؛ فلا يقدر أحد أن يخلق سمعًا، وأنه الذي خلق البصر؛ فلا يقدر أحد إذا فقد البصر أن يخلق بصره، وأنه الذي يدبر الأمور؛ يسير الأفلاك، يسير الشمس والقمر والنجوم. يعترفون بذلك كله لله تعالى.
وقال تعالى: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ يعترفون بأن ذلك كله لله، ومع ذلك لا يتذكرون ولا يتقون، وأنهم يُصرفون عن الإقرار بالله تعالى؛ فهذا دليل على أنهم يقرون بهذا النوع؛ الذي هو توحيد الربوبية أنه الرب، وأنه الخالق، وأنه الرازق.
وكذلك قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ثم قال: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ؛ فذلك دليل على أنهم يعترفون بأن الله تعالى هو الذي خلق الخلق، وهو الذي يدبر الأمر، ومع ذلك يعبدون غيره، أو يشركون به في عبادته.

line-bottom